hyperthyroidism                                                       

           فرط نشاط الغدة الدرقية                                                                         



مقدمة:                                                                                                                             

 - المظاهر السريرية لفرط نشاط الغدة الدرقية مستقلة إلى حد كبير عن سببها. . ومع ذلك ، فإن الاضطراب الذي يسبب فرط نشاط الغدة الدرقية قد يكون له آثار أخرى. على وجه الخصوص ، يسبب مرض جريف ، وهو السبب الأكثر شيوعًا لفرط نشاط الغدة الدرقية ، مشاكل فريدة لا تتعلق بارتفاع تركيزات هرمون الغدة الدرقية في مصل الدم. وتشمل هذه اعتلال العين غريفز والاعتلال الجلدي الارتشاحي (الوذمة المخاطية الموضعية أو القبلية). يعاني معظم المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية في جريف من تضخم الغدة الدرقية المنتشر ، وكذلك المرضى الذين يعانون من أسباب أخرى أقل شيوعًا لفرط نشاط الغدة الدرقية مثل التهاب الغدة الدرقية غير المؤلم وأورام الغدة الدرقية (TSH).



فرط النشاط الدرقي:                                                                                                                    

يعد فرط نشاط الدرقية أو الانسمام الدرقي أمراً شائعاً، ويبلغ انتشاره بين الإناث تحديداً 2-5% ونسبة إصابة الإناث إلى الذكور 1:5، في فئة العمر 20-40 عاماً. ويبقى السبب الدرقي- أو الأولي- هو الأكثر شيوعاً (< 99%) ويعد السبب النخامي نادراً جداً. (انظر الجدول4).

أسباب فرط النشاط الدرقي

أسباب شائعة:

- داء غريف (مناعي ذاتي).

- السلعة السمية متعددة العقد.

- العقدة السمية الوحيدة.

أسباب غير شائعة:

- التهاب الدرقية الحاد:

·     بالفيروسات (مثال: دي كيرفان).

·     مناعي ذاتي.

·     تالٍ للأشعة.

·     تالٍ للولادة.

- فرط نشاط الدرقية المحرض بالحمل ( عن طريق الـ HCG).

- الانسمام الدرقي عند الولدان (أضداد درقية من الأم).

- تناول خارجي لليود.

- تأثير دوائي – الأميودارون.

- فرط النشاط الصنعي (تناول الثيروكسين بالخفاء).

أسباب نادرة:

- أورام نخامية مفرزة للموجهة الدرقية (TSH).

- سرطان درقية متمايز مع انتقالات.

- أورام مفرزة للـ human chorionic gonadotropin (HCG).

- ورم مَسخي مبيضي مفرط النشاط (hyperfunctioning ovarian teratoma- struma ovarii)

الجدول (4)              

 

 

1- داء غريف:Graves’ Disease   وهو السبب الأكثر شيوعاً لفرط نشاط الدرق ويعزى إلى أسباب مناعية. ترتبط أضداد الـ IgG في المصل بمستقبلات الموجهة الدرقية (TSH) في النسيج الدرقي، لتحرض إنتاج الهرمون الدرقي؛ أي إنها تقلد الـ TSH. وتتميز أضداد الـ TSH هذه بأنها نوعية لداء غريف، ويمكن معايرتها في المصل، إضافة إلى أنها موجودة في 85-90% من الحالات وتتراجع في أثناء المعالجة. إن بقاء هذه الأضداد بمستويات عالية ينبئ بشدة احتمال انتكاس المرض حين إيقاف العلاج. هناك ارتباط مع مستضدات الكريات البيض البشريةHLA-B8 (human leucocyte antigen) ، DR3، وDR2 إضافة إلى نسبة توافق 40% بين التوائم متماثلة اللواقح homozygotic twins، و5% بين التوائم ثنائية اللواقح. كما يوجد ارتباط ضعيف مع المستضد المتعلق باللمفاويات T السامة للخلايا (CTLA-4)، ومع مستضد الكريات البيض البشرية DRB*08، DRB3*0202 على الصبغي 6.

تحتوي كل من الإشريكية القولونية واليرسينية الملهبة للمعي والقولون على مواقع رابطة للموجهة الدرقية TSH، مما يحتمل معه أن تكون الأخماج بهذه الجراثيم هي العامل المحرض بسبب "تشابه جزيئي" محتمل لدى شخص مؤهب وراثياً، والحقيقة أن الآليات المحرضة ليست معروفة بدقة حتى الآن.

يترافق الاعتلال العيني مع فرط النشاط في كثير من الحالات، إلا أن العناصر الأخرى من داء غريف تبقى نادرة جداً كاعتلال الجلد. نادراً ما تحدث ضخامات لمفاوية مع ضخامة طحال. يرتبط داء غريف أيضاً بالاضطرابات المناعية الذاتية الأخرى كفقر الدم الوبيل والبهاق والضعف العضلي الوخيم.

يتأرجح السير الطبيعي للمرض فيتناوب بين النكس والهجوع؛ ويصاب40% من المرضى بهجمة واحدة فقط، وتنتهي بالقصور الدرقي في نهاية المطاف لدى كثير من المرضى.

2- الأسباب الأخرى لفرط النشاط الدرقي/الانسمام الدرقي:                                                                  

أ- العقدة الوحيدة السمية: تسبب خمسة بالمئة من كل حالات فرط النشاط، ولا تهجع الآفة بعد فترة من المعالجة بمضادات الدرق.

ب- السلعة السمية متعددة العقد: تنتشر هذه الحالة بين الإناث الأكبر سناً، ونادراً ما تنجح مضادات الدرق بالحث على الهجوع بالرغم من سيطرتها على فرط النشاط الدرقي.

جـ- التهاب الدرقية "دي كيرفان" De Quervain: تتميز هذه الحالة بفرط نشاط درق عابر ناجم عن التهاب حاد يصيب الغدة الدرقية قد يكون سببه خمجاً ڤيروسياً. إضافة إلى الانسمام الدرقي ترتفع الحرارة، مع إعياء وخفقان وألم في العنق وألم موضعي في الدرقية. تبدي وظائف الدرق في المراحل الأولى فرط نشاط درقي، مع زيادة سرعة التثفل ولزوجة المصل، إضافة إلى تثبيط قبط اليود في المرحلة الحادة. بعد بضعة أسابيع تلي هذه المرحلة حالة قصور درقي عابرة. تعالج المرحلة الحادة بضادات الالتهاب كالأسبيرين، مع استخدام البريدنيزولون مدة قصيرة في الحالات التي تبدي أعراضاً شديدة.

د- التهاب الدرقية التالي للولادة.

هـ- الانسمام الدرقي المحرض بالأميودارون: يُصنَّف الأميودارون مضاد اضطراب نظم من الصنف الثالث، ويتسبب بنمطين من فرط النشاط الدرقي.

النمط الأول يرتبط بإصابة سابقة بداء غريف أو سلعة متعددة العقد، وفي هذه الحالة من المحمتل أن يكون المحتوى العالي من اليود في الأميودارون هو المحرض الأساسي لفرط النشاط الدرقي.

أما النمط الثاني فلا يشترط حدوثه وجود مرض درقي سابق، ويعتقد أنه ينجم عن تأثير مباشر للأميودارون في خلايا الدرق الجرابية يؤدي إلى التهاب درق مخرب مع إطلاق هرموني الـ(T4) والـ(T3). قد يرتبط النمط الثاني بحالة قصور درقي قد تمتد عدة أشهر. يلاحظ أن نسبة الـ(T4) إلى الـ(T3) تكون مرتفعة في النمطين وذلك بسبب تأثير الأميودارون المثبط للتحول المحيطي من T4 إلى T3.

الملامح السريرية لفرط نشاط الدرقية:                                                                                           


تتأثر الكثير من الوظائف بفرط النشاط الدرقي، وتتفاوت الأعراض تبعاًً للعمر والسبب (انظر الجدول رقم5).

الأعراض السريرية

 

 

 

 

 

العلامات السريرية

نقص وزن

زيادة شهية

عصبية

وهن عام

وهن عضلي

رجفان

كنع رقصي

زلة تنفسية

خفقان

عدم تحمل الحرارة

حكة

عطش

قياء

إسهال

أعراض عينية (في داء غريف فقط)

سلعة درقية

شح الطموث

نقص الشهوة الجنسية

تثدي

انفكاك الأظافر

تسارع النمو (الأطفال)

تعرق

رجفان

فرط حركية

عصاب

 

تسرع النبض أو رجفان أذيني

نبض ممتلئ

أطراف دافئة

فرط الضغط الشرياني الانقباضي

قصور قلب

 

جحوظ العين (فقط في داء غريف)

تراجع الجفن وحملقة

وذمة أجفان

شلل عضلات العين (فقط في داء غريف)

وذمة حول الحجاج

سلعة درقية مع حفيف

نقص وزن

 

 

وهن عضلات داني

ضمور عضلات داني

انفكاك الأظفار

احمرار راحة الكف

 

 

 

 

اعتلال الجلد بداء غريف

ثخن النهايات الدرقي

وذمة مخاطية على الساقين

الجدول (5) فرط نشاط الدرقية، الأعراض والعلامات السريرية، أهمها مبين بخط أسود

 

 

1- تلاحظ الوذمة المخاطية على الساقين، والاعتلال العيني، والتغيرات المحيطية في داء غريف فقط. تتظاهر الوذمة المخاطية بشكل ارتشاح جلدي في مقدم الساقين وتشاهد على نحو أساسي مع الاعتلال العيني. أما التغيرات المحيطية فتتمثل بتعجر الأصابع وتورمها إضافة إلى تشكل عظم جديد في منطقة ما حول السمحاق.

2- لدى كبار السن يكثر تواتر الإصابة بالرجفان الأذيني، أو تسرع النبض الذي قد يرافقه قصور القلب، وقلة العلامات السريرية الأخرى. يجب تحري وظائف الدرق في أي حالة رجفان أذيني.

3- كثيراً ما يشكو الأطفال من النمو الزائد أو من اضطرابات سلوكية كفرط الحركية. وقد يبدي الأطفال زيادة الوزن بدلاً من نقصه.

4- يتصف أحد أشكال الانسمام الدرقي لدى بعض المسنين باللامبالاة مع لوحة سريرية أقرب إلى القصور منها إلى فرط النشاط الدرقي، وتتطلب ندرة العلامات المرضية درجة عالية من الشك السريري.

التشخيص التفريقي:                                                                                                                 

غالباً ما يكون تشخيص فرط النشاط الدرقي واضحاً لا شك فيه إلا أنَّ التأكيد المخبري مطلوب دائماً قبل البدء بالمعالجة. قد يصعب التمييز بين بعض الحالات الطفيفة وبين حالة التوتر؛ من المفيد الانتباه إلى العلامات العينية، ووجود السلعة الدرقية، وضعف العضلات الداني المترافق والضمور. يعد نقص الوزن بالرغم من شهية طبيعية أو مزدادة عرضاً مهماً من أعراض فرط النشاط الدرقي. أما الأطراف الدافئة المشاهدة في فرط النشاط الدرقي وبسبب فرط نشاط الدوران فتتناقض كلياً مع الأطراف الباردة والرطبة التي تلاحظ في حالات القلق والتوتر.

الاستقصاءات:                                                                                                                      

1- تكون الموجهة الدرقية (TSH) مثبطة (> 0.05 ميكرو وحدة/ليتر) في فرط النشاط الدرقي، ما عدا بعض الحالات النادرة التي يكون فيها الإفراز زائداً.

2- يؤكد التشخيص بارتفاع الـ (T3) أو الـ (T4). يرتفع الـ(T4) دائماً، ويكون الـ(T3) أكثر حساسية بسبب وجود حالات الانسمام بالـ(T3) المعزول.

3- إيجابية أضداد الـ thyroperoxidase وتيروغلوبولين thyroglobulin في أغلب حالات داء غريف. لا تتم معايرة أضداد  الـ TSH على نحو منوالي، إلا أن وجودها شائع؛ والأضداد الغلوبولينية المحرضة للـ TSH إيجابية في 80%، والأضداد الغلوبولينية المثبطة للارتباط بالـTSH  إيجابية في 60-90% من حالات داء غريف.

المعالجة:                                                                                                                       

هناك ثلاثة خيارات: الأدوية المضادة للدرقية واليود المشع والجراحة.                                             

1- الأدوية المضادة للدرقية:                                                                                                  

مثل الكاربيمازول واسع الانتشار في المملكة المتحدة، والبروبيل تيوراسيل. أما في الولايات المتحدة فيستخدم الثيامازول (ميثيمازول)، وهو المستقلب الفعال من الكاربيمازول. تقوم هذه الأدوية بتثبيط تركيب الهرمونات الدرقية إضافة إلى تأثيرات ثانوية أخرى؛ الكاربيمازول/ثيامازول مثبط كذلك للمناعة. يبين الجدول المرفق الجرعات والتأثيرات الجانبية لهذه الأدوية.

وبالرغم من السرعة في تثبيط تركيب الهرمون الدرقي، فإنَّ نصفَ عمر الـ(T4) الطويل (7 أيام) يعني عدم ظهور التحسن السريري إلا بعد 10-20 يوماً. وإذا كانت معظم التظاهرات تأتي عبر تفعيل الجملة الودية فإن حاصرات مستقبلات البيتا تسهم في تحسن الأعراض تحسناً سريعاً وجزئياً؛ كما تسهم حاصرات بيتا بتثبيط التحول المحيطي من الـ(T4) إلى الـ(T3). وتفضل حاصرات البيتا الخالية من أي خواص مقلدة للودي (مثال: البروبرانولول)، على ألا تستخدم علاجاً وحيداً لفرط النشاط الدرقي إلا في الحالات المحددة كالتهاب الدرقية تحت الحاد.

يستمر التدبير الدوائي بطريقة المعايرة التدريجية للجرعة أو باستخدام طريقة "الحصر والإعاضة" block and replace. وقيمة الطريقتين واحدة. تبقى الحاثة الدرقية TSH مثبطة عدة أشهر حتى بعد التحسن السريري وعودة الـ(T4) والـ(T3) إلى مستواهما الطبيعيين.

أ- معايرة الجرعة التدريجية:

(1)- البدء بالكاربيمازول 20-40 ملغ يومياً.

(2)- إعادة التقييم بعد 4-6 أسابيع مع تخفيض الجرعة تبعاً للحالة السريرية ومستويات الـ(T4) أو الـ(T3). تبقى الموجهة الدرقية الـTSH  مثبطة عدة أشهر؛ ولذلك فهي ليست ذات جدوى في تلك المرحلة.

(3)- لدى بلوغ السواء الدرقي السريري والمخبري توقف حاصرات بيتا.

(4)- يعاد التقييم مرة أخرى بعد 2-3 أشهر، وفي حالة الضبط الجيد تخفض جرعة الكاربيمازول.

(5)- تخفض الجرعة تدريجياً بعد ذلك حتى الوصول إلى 5 ملغ يومياً مدة 6-24 شهراً إذا استمر ضبط حالة فرط النشاط الدرقي.

(6)- وأما إذا بقي المريض في حالة سواء درقي على جرعة 5 ملغ يومياً فيمكن إيقاف العلاج.

يستخدم البروبيل تيوراسيل بالطريقة نفسها (انظر الجدول رقم6).

الدواء

جرعة البداية

التأثيرات الجانبية

ملاحظات

الأدوية المضادة للدرق:

- كاربيمازول

 

 

 

 

- بروبيل تيوراسيل

 

20-40ملغ يومياً، كل 8 ساعات أو جرعة واحدة

 

 

 

100-200ملغ كل 8 ساعات

 

طفح جلدي، غثيان، قياء، آلام مفصلية، نقص محببات (0.1%)، يرقان

 

 

طفح جلدي، غثيان، قياء، نقص محببات

 

المستقلب الفعال هو  ثيامازول (ميثيمازول)

مثبط مناعي خفيف

 

 

تأثير إضافي بمنع تحول T3  إلى T4

حاصر بيتا للسيطرة على الأعراض:

احتمال تطلب الحالة جرعات أكبر من المعتاد.

- بروبرانولول

 

 

 

 

40-80ملغ كل 6-8 ساعات

 

 

 

 

تجنب استخدامه في حالات الربو

 

 

تستخدم الأدوية الخالية من أي نشاط مقلد للودي، بسبب الحساسية العالية للمستقبلات

الجدول (6) الأدوية المستخدمة في معالجة فرط النشاط الدرقي

 

 

ب- طريقة "الحصر والإعاضة": في هذه الطريقة تعطى جرعات قصوى من مضادات الدرقية، أي كاربيمازول 40ملغ يومياً، بهدف تثبيط الغدة الدرقية تثبيطاً كاملاً، والتعويض عن الوظيفة الدرقية بجرعة 100مكغ ليفوثيروكسين يومياً لدى بلوغ السواء الدرقي. ويستمر العلاج بهذه الطريقة مدة 18 شهراً، والفوائد المفترضة هي تجنب التأرجح في وظائف الدرقية في أثناء المعالجة إضافة إلى الاستفادة من تأثير الكاربيمازول المثبط للمناعة. يعد الحمل مضاد استطباب لهذه الطريقة لأن مرور الـ(T4) عبر المشيمة أقل من عبور الكاربيمازول.

ج- نكس المرض: ينكس المرض في نحو 50% من المرضى بعد فترة علاجية بالكاربيمازول أو البروبيل تيوراسيل، خلال عامين من إيقاف الدواء وأحياناً بعد ذلك بفترة طويلة. يمكن اللجوء في هذه الحال إلى علاج مطول بمضادات الدرقية أو التفكير بإمكانية الجراحة أو اليود المشع. يصاب معظم المصابين بفرط النشاط الدرقي بسلعة درقية منتشرة (90%)، ومن غير المحتمل حدوث هجوع العقدة الدرقية الوحيدة أو السلعة المتعددة العقد، لذلك غالباً ما تحتاج إلى معالجة حاسمة. يقل احتمال الهجوع أيضاً كلما كانت درجة فرط النشاط الدرقي شديدة من الناحية المخبرية.

د- سمية الأدوية: أكثر ما يخشى من الأعراض الجانبية للأدوية هو نقص المحببات الذي يحدث في 1 من كل 1000 مريض، في أثناء الأشهر الثلاثة الأولى من العلاج. يجب تنبيه جميع المرضى إلى ضرورة طلب تعداد خلايا الدم عاجلاً حين حدوث حمى غير مفسرة أو التهاب البلعوم الحاد- مع ضرورة توثيق ذلك كتابياً. والعرض الجانبي الأكثر شيوعاً هو الطفح الجلدي الذي يتطلب تغيير الدواء. وحين حدوث التسمم من الكاربيمازول يُبَدّل العلاج إلى بروبيل تيوراسيل، وكذلك العكس، مع ندرة التقاطع بين الدواءين من ناحية الأعراض الجانبية (انظر الجدول رقم 6).

2- اليود المُشِعُّ:                                                                                                                 

يعطى اليود المشع للمرضى من الفئات العمرية كافة، باستثناء الحوامل والمرضعات فهو فيهن مضاد استطباب مطلق. وهو أكثر طرائق المعالجة في الولايات المتحدة.

يعطى اليود 131 بجرعة تراوح بين 200 و550 ميغابيكيريل MBq بسبب تنوع حساسية كل غدة وقبطها. يتراكم اليود في الدرق ويسبب تخريبها بالتشعيع الموضعي، وقد تمر أشهر قبل ظهور الفعالية الكاملة له. يستمر العلاج حتى الوصول إلى السواء الدرقي، ثم توقف الأدوية 4 أيام على الأقل قبل تناول جرعة اليود المشع، وتستأنف بعد 3 أيام من تناول الجرعة. والفترة التي يوقف فيها العلاج قبل استعمال اليود المشع يجب أن تكون أطول في الذين يعالجون بالبروبيل تيوراسيل من  الذين يعالجون بالكاربيمازول وذلك بسبب فعل البروبيل تيوراسيل في الحماية من الإشعاع. ولا يحتاج العديد من المرضى للعودة إلى الدواء بعد تناول اليود المشع.

قد يحدث إزعاج أو عدم ارتياح في مقدم العنق مع اشتداد أعراض الانسمام الدرقي مباشرة بعد الجرعة؛ ويجب العلاج بالبروبرانولول، وبالكاربيمازول. ويعود المرضى إلى حالة السواء الدرقي في مدة 2-3 أشهر. يميل المصابون بالاعتلال العيني نحو سوء الحالة بعد جرعة اليود المشع مقارنة بالعلاج الدوائي؛ ما يجعل الإصابة العينية مضاد استطباب نسبي لليود المشع ولكن يمكن الوقاية من ذلك بإعطاء الستيروئيدات القشرانية corticosteroids .

يحدث القصور الدرقي لدى غالبية المرضى خلال الأعوام العشرين التالية للجرعة. ويعود نحو 75% من المرضى إلى السواء الدرقي خلال فترة قصيرة مع بقاء نسبة صغيرة منهم في حالة فرط نشاط، الأمر الذي يتطلب إعطاء جرعة ثانية من اليود المشع. من الضروري مراقبة وظائف الدرقية فترة طويلة بإجراء عدة تحاليل في أثناء العام الأول، ثم إجراء تحليل واحد كل عام على الأقل.

بقي دور اليود المشع المسرطن مثار جدل فترة طويلة من الزمن، إلا أنَّ الأغلبيةَ الساحقة من الأدلة تشير إلى عدم زيادة حدوث السرطان أو الوفيات على نحو عام بعد العلاج باليود المشع (لا بل تشير بعض التقارير إلى انخفاض كبير في هذه الحالات)، إلا أن نسبة سرطان الدرقية قد تزداد على نحو كبير، مع بقاء هذا الاحتمال قليلاً جداً إذا ما نظر إلى الأرقام المطلقة.

3- الجراحة:                                                                                                                        

استئصال الدرق تحت التام: تجرى الجراحة للمرضى الأسوياء درقياً، وتقتضي إيقاف الدواء المضاد للدرق 10-14 يوماً قبل الجراحة مع إعطاء يوديد البوتاسيوم (60ملغ ثلاث مرات يومياً) وذلك للتخفيف من توعية الغدة.

ويجب أنْ يُجريَ الجراحة جراحٌ خبير للتقليل من المضاعفات المحتملة وهي:

أ- النزف المبكر الذي قد يؤدي إلى انضغاط الرغامى أو الاختناق، ويتطلب نزع الغرز سريعاً  للسماح بمرور الدم أو تفجير الورم الدموي الضاغط.

ب- إصابة العصب الحنجري الراجع في 1% من الحالات. يجب فحص حركة الحبال الصوتية قبل العمل الجراحي. قد تحدث بحة خفيفة في الصوت وينصح بتجنب استئصال الدرق لدى المغنين المحترفين.

ج- قد يحدث هبوط عابر في كلسيوم المصل في 10% من الحالات، مع حدوث قصور جارات درق دائم في 1%.

د- من المحتمل عودة فرط نشاط الدرقية في 1-3% من المرضى في العام الأول بعد الجراحة، ثم 1% كل عام.

هـ- يحدث قصور درق في فترة عام من الجراحة لدى 10% من المرضى، مع ازدياد هذا الاحتمال فيما بعد. ويزداد هذا الاحتمال بوجود أضداد الدرق من نمط Anti-TPO. وفي الأماكن التي تحتفظ بسجلات مؤتمتة للنتائج السنوية للموجهة الدرقية الـ TSH يظهر القصور الدرقي لدى نسبة عالية من المرضى في الأعوام التي تلي الجراحة.

اختيار العلاج:                                                                                                       

تعتمد استطبابات كل من الجراحة أو اليود المشع على:                 

> رغبة المريض.

> الأعراض الجانبية المستمرة للدواء.

> عدم الالتزام بالمعالجة.

> تكرر نكس فرط النشاط حين إيقاف الدواء.

> هناك حالات خاصة تتطلب الجراحة تحديداً: السلعة الدرقية الكبيرة، وقلة احتمال هجوع فرط النشاط الدرقي بالمعالجة الدوائية.

حالات خاصة من فرط النشاط الدرقي:                                                                                      

1- العاصفة الدرقية: هذه الحالة نادرة، إلا أن نسبة الوفيات منها 10%. تتصف بتدهور سريع لحالة فرط النشاط الدرقي مصحوباً بفرط حرارة، وتسرع قلب شديد، وهياج، وقصور قلب واضطراب وظائف الكبد. والعادة وجود عامل مؤثر لذلك كالشدة، أو الخمج أو الجراحة على مريض غير محضر جيداً، أو المعالجة باليود المشع. يقلل التدبير الجيد من فرص حدوث هذه المضاعفة ومعظم الحالات التي توصف "بالنوبة الدرقية" هي حالات شديدة وغير معقدة من فرط النشاط الدرقي.

 العلاج إسعافي: يجب البدء على الفور بجرعات قصوى من البروبرانولول إضافة إلى يوديد البوتاسيوم، ومضادات الدرق، والستيروئيدات القشرانية (التي تكبت الكثير من مظاهر فرط النشاط الدرقي)، ومع كل الإجراءات الداعمة من الضروري السيطرة على اضطراب النظم وقصور القلب أيضاً.

2- فرط نشاط الدرقية في الحمل والحياة الجنينية: يعدّ المستوى المرتفع لموجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (beta-human chorionic gonadotropin) في الحمل محرضاً ضعيفاً لمستقبل الموجهة الدرقية (TSH)، ينجم عنه تثبيط للـ (TSH) مع ارتفاع طفيف في كل من الـ(T4) والـ(T3) في الثلث الأول من الحمل وقد يرتبط بالقياء المفرط الحملي. إلا أن فرط النشاط الحقيقي لدى الأم في أثناء الحمل هو أمر غير شائع وعادة ما يكون طفيفاً. قد يكون التشخيص صعباً بسبب تقاطع الأعراض مع أعراض الحمل إضافة إلى وظائف الدرق المضللة، ومع إمكان الاعتماد على الموجهة الدرقية (TSH) لوضع التشخيص غالباً ما يكون السبب هو داء غريف. تستطيع أضداد الدرق المحرضة للـ TSH عبور المشيمة لتحرض الدرق لدى الجنين، ويقوم الكاربيمازول بعبور المشيمة أيضاً، وفي الوقت نفسه تعبر كميات قليلة جداً من الـ(T4) ولذلك لا تستطب المعالجة بطريقة "الحصر والإعاضة". ينصح باستخدام أصغر جرعة ممكنة من الكاربيمازول مع مراقبة الجنين. ويجب إخبار اختصاصي الأطفال كي يجري فحصاً دقيقاً مباشرة بعد الولادة؛ فالمعالجة الزائدة بالكاربيمازول قد تسبب سلعة درقية لدى الجنين. والكلمة متفقة على سلامة الإرضاع في أثناء المعالجة بجرعات عادية من الكاربيمازول أو البروبيل تيوراسيل.

وعند الضرورة (الحاجة إلى استخدام جرعات كبيرة، أوعدم التزام المريضة، أو أعراض جانبية للدواء) يفضل إجراء الجراحة في الثلث الثاني من الحمل. ويبقى الحمل مضاد استطباب مطلق لليود المشع.

3- الجنين وداء غريف الأمومي maternal Graves disease: إن وجود قصة داء غريف لدى أي أم يعني احتمال وجود أضداد محرضة للدرقية thyroid stimulating immunoglobulins (TSI) في الدوران. حتى لو تمت المعالجة (جراحة على سبيل المثال) يبقى احتمال قيام الغلوبولين المناعي الوالدي بتحريض الغدة الدرقية لدى الجنين؛ ما يجعل الجنين في حالة فرط نشاط في حين تكون الأم في حالة سواء درقي.

يجب مراقبة هذه الحالات في أثناء الحمل، ويعد معدل ضربات قلب الجنين نوعاً من المقايسة البيولوجية المباشرة لوضع الدرق لدى الجنين، وينصح بالمراقبة مرة كل شهر على الأقل. ويعد ارتفاع معدل ضربات القلب فوق 160/دقيقة مؤشراً قوياً على وجود فرط نشاط درق جنيني، ويستطب عندها البدء بالكاربيمازول مع إعطاء الأم البروبرانولول أو من دون ذلك. قد تفيد المعايرة المباشرة للأضداد المحرضة للـ TSH في التنبؤ بإصابة الجنين بالانسمام الدرقي. ويجب إعطاء الأم الثيروكسين منعاً من حدوث القصور الدرقي لديها، ولاسيما أن الثيروكسين لا يعبر المشيمة بسهولة. وتعد الأدوية المقلدة للودي، والمستخدمة في الوقاية من المخاض المبتسر مضاد استطباب لأنها قد تحرض على تسرع قلب الجنين.

قد يظهر فرط النشاط الدرقي في الوليد لأن نصف عمر الأضداد المحرضة للـ TSH نحو 3 أسابيع. ويتظاهر ذلك بالتهيج وتأخر النمو ونقص الوزن والإسهال وبعض العلامات العينية. يصعب أحياناً تفسير نتائج الاختبارات بسبب تغير المجال الطبيعي مع تغير العمر في هذه المرحلة. وقد يرتبط فرط النشاط الدرقي غير المعالج في الولدان بفرط الحركية في مرحلة الطفولة.

4- مقاومة الهرمون الدرقي: مقاومة الهرمون الدرقي حالة وراثية تنجم عن خلل مستقبل الهرمون الدرقي. تصيب الطفرات المستقبل (TR beta) مؤديةً إلى مستويات أعلى من الهرمون الدرقي لإحداث التأثير الخلوي نفسه. وتؤدي آليات التلقيم الراجع الطبيعية إلى مستويات مرتفعة من الـ(T4) مع موجهة درقية (TSH) طبيعية للحفاظ على حالة سواء درقي. ينجم عن هذا عاقبتان:

> أولاً- تبدو وظائف الدرق غير طبيعية حتى بوجود مريض سوي درقياً، ولا حاجة إلى المعالجة، إلا أن استشارة الاختصاصي ضرورية لتمييز فرط النشاط الناجم عن إفراز غير طبيعي للـ TSH.

> ثانياً- تختلف مستقبلات الهرمون الدرقي باختلاف النسج، وفي بعض العائلات المصابة قد تكون الاستجابة طبيعية في مستقبلات بعض النسج. في هذه الحالة تؤدي مستويات الهرمون الدرقي المرتفعة إلى استمرار حالة السواء الدرقي على مستوى النخامى والوطاء (المسؤول عن تنظيم إفراز TSH)، وتؤدي إلى حالة فرط نشاط درقي على مستوى القلب والعظام حيث المستقبلات الهرمونية طبيعية، بالرغم من مستوى موجهة درقية (TSH) طبيعي. حالة "المقاومة الجزئية للهرمون الدرقي" هذه يصعب تدبيرها على نحو فعال.

العواقب طويلة الأمد لفرط نشاط الدرقية:                                                                                        

تدل المتابعة المديدة لحالة فرط النشاط الدرقي على زيادة الوفيات زيادة طفيفة على نحوعام، تتأثر بها جميع الأعمار، وهي غير مفسرة على نحو كامل وتميل للحدوث في العام الأول بعد التشخيص. وقد تزداد خطورة الإصابة بتخلخل العظام في مرضى فرط النشاط الدرقي المعالجين. يزداد احتمال الإصابة بالرجفان الأذيني في المرضى الذين تكون لديهم مستويات الحاثة الدرقية (TSH) منخفضة، الأمرالذي يحمل بدوره مخاطر الإصابة بالخثار أو الصمات.

Comments

Popular posts from this blog